إن الحرية هبة من الله تعالى منحها لعباده ، وإلا فكيف يكون الحساب قائما على العدل ؟ كيف يحاسب الله أناسا ما كان لهم الخيرة في حياتهم ولا إعمال عقولهم ؟ وهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين ، وكل من يعتقد أن الإسلام قتل للحريات ، يتنافى قوله مع نعمة العقل ، فلقد قال تعالى : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزلة الأيتان 7،8 فكيف عمل الخير أو الشر وهو لايمتلك القدرة على ذلك ؟ ياأيها القائلون بأن الإسلام دين لا حرية فيه ، وتعسف وإجبار ، هل تستطيعون أن تأتوا لنا ، بفضل عقولكم التي هي هبة من الله تعالى ، وخير دليل على حريتكم ، بدليل ولو بآية من القرآن تنوه بذلك ، انظروا إلى الصديق أبي بكر رضي الله عنه ، كيف كان من أوائل هؤلاء الذين ضحوا بأموالهم في سبيل شراء العبيد وعتقهم ؟ أليس هذا دليلا على مناداة الإسلام بالحرية ؟ كيف تقولون ذلك وآيات الذكر الحكيم خير دليل على رغبة الإسلام الحقيقية وحرصه على عتق الرقاب وتحرير العباد بكل الطرق ؟ ألأم يجعل الله تعالى تحرير الرقاب كفارة للقتل الخطأ ؟ إذ يقول سبحانه " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " النساء 92 ، اختلفت العلاقات بين الأقوام والكفارة واحدة لاتتغير ، أليس هذا دليلا على محاولة الإسلام بكل الطرق أن يعتق الرقاب من قيود العبودية ؟ وكذا قوله تعالى " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " المجادلة 3 ، وقوله تعالى " فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة " البلد 11، 12 .
ولنا وقفة أخرى إن شاء الله تعالى .