نلمح لنماذج لمن تأثر بالقرآن واستجاب له من بعض المعاصرين خاصة وأنه الرسالة الإلهية الخالدة خاطب الله به لب وعقول جميع الأمم من استجاب منهم ومن رفض. فيه نبأ ماقبلكم وخبر مابعدكم وما كان وما سيكون نقل لنا تاريخ الأمم والأفراد والجماعات جاء فيه أن الحساب من حنس العمل وأن الجنة والنار والحساب حق ، وله أثر عظيم في انتشار الدعوة بين الناس قديما وحديثا وإن المتأمل للمنهج العقلي لدى غير المسلمين يجد أنه يقف إزاء الإسلام على نقطة التوازن بين الشد والجزب ، في اتجاهين متناقضين :
الإتجاه الأول : تغلب عليه النزعة العلمية الموضوعية التي تحاول أن تتجرد من الهوى ، وأن تكون حيادية في الرأي والنتيجة .
الإتجاه الآخر : تغلب عليه النزعة التحزبية ، وكل ما يرتبط بها أو يوازيها من إحساس إستعلائي تجاه كل ماهو شرقي .
حيث يوجد أناس من غير المسلمين يميلون إلى معالجة مايخص الإسلام معالجة موضوعية على حين قد يندفع بعضهم في الإتجاه الآخر .
وما قدمه بعض علمائهم على وجه العموم ، والمستشرقون منهم على وجه الخصوص يتضمن الحسن والسيء لعدة أسباب منها قوة الجذب المشار إليها آنفا ، ومنها الجهل ببعض المسائل ، والتأثيرات الذاتية والثقافية .
والذي نريده ويعنينا هو شهادات أصحاب الإتجاه الأول وأقوالهم لما تحمله من عبر ومواعظ أرست دعائم الإسلام وأصبحت شهادات منصفة جاءت ممن كانوا أعداء للإ سلام والمسلمين ولكن بعد إعتناقهم للإسلام بفضل الله تعالى ثم بفضل قراءة القرآن والتمعن فيه تغير موقفهم السابق من هجوم إلى دفاع قوي من هنا علينا أن نلحظ أمرا مهما للغاية ، وهو أن هذه الأقوال والشهادات في الإسلام أو القرآن لاتعدو كونها تأكيدا لحقائق قائمة وأصول ثابتة في ديننا وحضارتنا .
ومن هؤلاء المنصفين على كثرتهم نذكر على سبيل الإيجاز لاالتفصيل إذ لايتسع المقام لذلك فيكفي من القلادة ما أحاط العنق .
1- أحد القساوسة المنصرين واسمه إبراهيم خليل أحمد مصري من مواليد الإسكندرية يحمل شهادة عالية في علم اللاهوت من جامعة مصرية ومن جامعة برنستون الأمريكية وعمل أستاذا بكلية اللاهوت بأسيوط وعمل سكرتيرا عاما للإرسالية الألمانية السوسرية وكانت مهمته الحقيقية التنصير والعمل ضد الإسلام لكن تعمقه في دراسة الإسلام قاده إلى الإيمان بهذا الدين وأشهر إسلامه رسميا عام 1380 ه فكتب العديد من المؤلفات أبرزها (محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ) وكتاب تاريخ بني إسرائيل . هذا المنصر سابقا قال : " أعتقد أني لو كنت وجوديا ، أي لايؤمن بوجود خالق لهذا الكون ، ولا برسالة سماوية ، وجاءني نفر من الناس وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل منا حيه لآمنت برب العزة والجبروت ، خالق السموات والأرض ، ولن أشرك به أحدا )
وقال في موضع آحر : ( وهذا القول يحتاج منا إلى التأمل والإمعان والتفكير ، وخاصة من الذين يعيشون شيئا من الهزيمة النفسية تجاه الأمم التي سبقتنا في العلوم المادية إذ يقول " ينبغي للمسلم أن يعتز بقرآنه ، فهو كالماء فيه حياة لكل من نهل منه "
وقال : ايضا " القرآن يسبق العلم الحديث في كل مناحيه ، ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف "
2- ومن تأثر بالقرآن فأسلم د/ جرينيه وهو طبيب فرنسي شهير كان عضوا في مجلس النواب الفرنسي حيث قال : عندما سئل عن سبب إسلامه " إنني تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها إرتباط بالعلوم الطبية والصحية والطبيعية ، والتي درستها من صغري وأعلمها جيدا ، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الإنطباق على معارفنا الحديثة ، فأسلمت ، لأنني تيقنت أن محمدا أتى بالحق الصراح قبل ألف سنة من قبل أن يكون هناك معلم أو مدرس من البشر ، ولو أن كل صاحب فن من الفنون ، أو علم من العلوم ، قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما تعلم جيدا ، كما قارنت أنا ، لأسلم بلا شك إن كان عاقلا خاليا من الأغراض "
لقد أثر القرآن في بعض الأعاجم الذين لايعرفون العربية تأثيرا كبيرا ، دفع بعضهم إلى أن يعلن إسلامه ويذكر ويسجل الأثر الذي أحدثه القرآن في نفسه .
وللموضوع تتمة إن شاء الله لتتحق الفائدة .