ألم يترك الإسلام للمرء حرية الإعتقاد والعبادة ، قال تعالى " لا إكراه في الدين " البقرة الآية 256 وقال جل شأنه " لكم دينكم ولي دين " الكافرون الآية 6 وقال تعالى في محكم التنزيل " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين يونس الآية 99 كما أن صفحات التاريخ الإسلامي تشهد كيف عامل الرسول صلى الله عليه وسلم نصارى نجران وكفل لهم حرية الإعتقاد وأكد هذا العهد من بعده خلفاؤه الأربعة .
سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها أحداث كثيرة ، يكفي منها رحمة الرسول الكريم بالمرأة العجوز التي لم تكن تقوى على حمل حملها فحمله لها رسول الله حتى وصل إلى بيتها ، فلما أرادت أن تكافئه رفض عليه الصلاة والسلام ، فما كان منها إلا أن قالت له : " إني ناصحة لك " فقال لها : " وما النصيحة " ؟ قالت : إن رجلا في المدينة قد ظهر يدعو إلى دين جديد اسمه محمد فلا تصدقه ، قال لها : وهل تعرفينه ؟ قالت لا: قال : " أنا محمد " فما كان منها إلا أن شهدت أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله أتدري لماذا فعلت ذلك ؟ لأنها من محمد صلى الله عليه وسلم سلوكا يتنافى مع ما يقال عنه وما تردهه قريش ، فضلا عن أنها لم تجبر على الدخول في الدين الجديد الذي طالما سمعت الكثير ممن يحذرون منه ، انظر إلى خير البرية في تعامله مع هذه المرأة وتركه لها بكامل حريتها في نقدها والتحذير من شخصه ، إنها النبوة الداعية إلى حرية العقيدة وحرية التفكير حتى الوصول إلى المرمى والمقصد .