يقول الثعالبي رحمه الله تعالى في مدح العتاب قال البلغاء " العتاب حدائق المتحابين وثمار المتوادين والدليل على على الضن بالأخوة . ويقال ظاهر العتاب خير من باطن الحقد ، ومن لم يعاتب على الذلة فليس بحافظ للخلة .
وقال: ابن المعتز العتاب حياة المودة وقيل من كثر حقده قل عتابه .
وقال أحد الشعراء : ترك العتاب إذا استحق أخ ***** منك العتاب ذريعة هجر
وقال آخر : إذا ذهب العتاب فليس ود *** ** يبقى الود مابقي العتاب
وقا ثالث : أبلغ أبا جعفر مني معاتبة *** ** وفي العتاب حياة بين أقوام
نفهم مما مضى أن العتاب نوع من التراضي بين الأصدقاء ، ولون من النصيحة الخفيفة التي قد تحمل طابع المزاح أحيانا ، كما يمكن أن يكون نوعا من اللوم ، وهو محمود لكن الإكثار منه قد يضر ولايجدي نفعا .
وورد في ذم العتاب عن بعضهم قوله .
كثرة العتاب تورث الضغينة وتولد البغضاء ، وقال بعض الحكماء البلغاء " مثل العتاب مثل الدواء يشفى بمكانه مرض الصدور فإذا استعمل لغير علة عارضة وبلا حاجة ظاهرة تحول داء المحبة دويا وصار موتا بيد القطيعة "
قال بعض الشعراء : إن بعض العتاب يدعو إلى حقد *** ويؤذي به المحب الحبيبا
فإذا مالقلوب لم تضمر الود *** فلن يعطف العتاب القلوبا
وقيل كثرة العتاب داعية الإجتناب ومظنة الترك والهجران .
وقال ابن المعتز لاتعاتب صديقك لأدنى سبب وأخفي عنه شئ يتعلق بالظن فإن ذلك يدل على ضعف ثقتك ووهن مودتك له .
وكفى في هذا الجانب بما قاله بشار بن برد واعظا من العتاب
غذا كنت في كل الأمور معاتبا *** صديقك لم تلقى الذي لم تعاتبه
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه *** مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا كنت لم تشرب مرارا من القذ ** * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
الحقيقة لاأحد تصفو مشاربه ، ولايخلو أحد من الزلل والخطأ .
وقال آخر : إذاما كنت منكرا كل ذنب ولم ** تجلل أخاك عن العتاب
تباعد من عاتب بعد قرب ** وصار به الزمان إلى إجتناب
أما مورد في إستحباب العتاب بين الأحباب فكثير نكتفي منه بالأتي :
قال الشعر :
أعاتب ذي المودة من صديق *** إذا ما رابني منه إجتناب
غذا ذهب العتاب فليس ود *** ويبقى الود ما ما بقي العتاب
لولا محبتكم ماعاتبتكم *** ولكنتم عندي كبعض الناس
أعاتب من يحلو بقلبي عتابه ** واترك من لا أشتهي لاأعاتبه
قال الإما على رضي الله عنه ( لاتقطع أخاك على إرتياب ، ولا تهجره وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي لك المساوية ) ومنتهى البلاغة أن يعلم أنه على قدر المحبة والمودة يكون العتاب .
هذا غيض من فيض وقطرة من بحر وزهرة من بستاني وشهد تحمله إليكم ريشتي المتواضعة متمنيا أن يأخذ الألباب وينير الفكر ويحوز على رضاكم .