ذات يوم جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلا على وجود الله تعالى ففكر لحظة ، ثم قال لهم الدليل هو ورقة التوت فتعجب الناس من هذه الإجابة وتساءلوا ؟؟ كيف تكون ورقة التوت دليلا على وجود الله ؟ فقال الإمام الشافعي ورقة التوت طعمها واحدة لكن إذا أكلها دود القز أخرج حريرا ، وإذا أكلها النحل أخرج لنا عسلا ، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذا الرائحة الطيبة فمن الذي أوجد الأصل وعدد المخارج ؟؟ إنه الله سبحانه وتعالى خالق الكون العظيم فانبهر السائلون من جواب الإمام رحمه الله لإبهاره لهم إنه جواب يحمل العلم والحكمة معا ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .
كان عبدالله بن المبارك عابدا مجتهدا وعالما بالقرآن والسنة يحضر مجلسه كثير من طلبة العلم وذات يوم كان يسير مع رجل في الطريق فعطس الرجل ولكنه لم يحمد الله فنظر إليه ابن المبارك ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها ، ولكن الرجل لم ينتبه فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يجرحه فسأله أي شئ يقول العاطس إذا عطس ؟ فقال الرجل : الحمدلله عندئذ قال له ابن المبارك يرحمك الله ... هذا أسلوب تعليمي تربوي فذ يحمل الإحترام والتقدير من المعلم لطالب العلم آمل أن يقتدي به من يعلمون أبناء المسلمين حتى تستفيد الأمة من مقدرات شعوبها .
كان عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين كما يقال له معروفا بالحكمة والرفق واللين وفي يم من الأيام دخل عليه أحد أبنائه وقال له : يا أبت لماذا تتساهل مع الرعية في بعض الأمور ؟؟ فوالله لوأني مكانك ماخشيت في الحق أحدا ، فقال له الخليفة العادل الرحيم لاتعجل يابني .... فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وفي المرة الثالثة حرمها ، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة واحدة فيدفعونه ( أي أخاف أن أجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضونه ) فانصرف الإبن راضيا مقتنعا بعد أن إطمأن لحسن سياسة أبيه وعلم أن رفق أبيه ليس عن ضعف ولكن كان نتيجة لحسن فهمه لدينه .
نستفيد مما مضى أن الأسلوب التربوي التعليمي الناجح من الأهداف السامية للعملية التعليمية برمتها .
توجيه الإمام الشافعي لطلبة الإستدلال على وجود الخالق إلى أسلوب التقريب التمثيلي حيث قرب لهم العقيدة بأسلوب شيق قوي يدل على غزارة علم الشيخ رحمه الله تعالى ،،، وفي المسألة الثانية نستشف أدب العالم والمتعلم ،،، وفي الثالثة كيف كان الرفق واللين بالرعية في أبهى وأزهى صوره ،، مع حكمة وحنكة الراعي ( الذي هو خليفة المسلمين آنذاك وقد بسط و انتشر العدل في عهده ) .
هذا والله تعالى أعلم
الرئيسية 
