لن أعيش في جلباب أبي أو لن أكون مثل أبي كثيرا مانسمع هذه العبارة لكثرة تداولها بين مختلف شرائح المجتمع وإذا سألت معظمهم عن معناها تخرج بتيجة مفادها الإختلاف في الأراء ووجهات النظر ، وتقتضي الحكمة أنه قبل الدخول إلى صلب الموضوع نذكر المراد من الجلباب لإزالة الغمة واللبس ويتضح المقصد
فعند إطلاق الجلباب يراد منه : لباس الحشمة والوقار والإحترام وهو أيضا الحجاب والنقاب لباس أمهات المؤمنين قديما وحديثا ستر الوجه لنساء المسلمين إقتداء بأمهات المؤمنين اللأتي نزل عليهن قراء يتلى إلى يوم القيامة لأمرهن بالحجاب وهن القدوة والخطاب كما ورد في الأية الكريمة لهن ولغيرهن من نساء المؤمنين وآراء المفسرين وأولو العلم تكاد تكون مجمعة على هذا المعنى قال تعالى : (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلاببهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) الأحزاب 59
وأمر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أمر لأمته وطاعته لازمة وهي عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى لعموم الأية الكريمة (يا ايها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فالجلباب إذن طاعة وعبادة شرعية يبتغى بها وجه الله تعالى وهي قوية نقية لاتهزها عاصفة التيارات وصراع الحضارت وصيحا ت الموضة لكونها جزء من الدين الذي يحفظ على المسلمين عفتهم ويحرس فضيلتهم ويحمي أعراضهم
قال الشاعر :
إن الرجال الناظرين النساء **** مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم **** أكلت بلا عوض ولا أثمان
إن العيش تبعا لذلك الجلباب بدءا بالأب البيولوجي أو القانوني وإلى آخر الأباء كالأب الروح والثقافي والإبداعي كل منهم يريدك أن تعيش في جلبابه وأن أن تكون آراؤك ومواقفك نسخة من آرائه ومواقفه باعتبارها خلاصة الحكمة وجوهر الالحصافة ، ولب المعنى ، مع أن كل أب منهم قد تخبط في قناعات ومواقفة متنا قضة فكان في كل مرحلة من المراحل أو محطة من المحطات التي وقف بها أشبه بحاطب ليل ، وهذا ما تؤكه عبارة أوسكار وايلد الساخرة ( التجربة إسم يطلقه الإنسان على أخطائه ) ومن المؤكد أن هذه العبارة ذهبت مثلا أو قولا مفيدا يتداوله عامة الناس للتعبير أو للإستدلال به على التطابق وموافقة الناس والأباء على وجه الخصوص لعلاقتهم المتينة بالأبناء في تبني أفكارهم وتوجهاتهم بلا روية مما يعني إلغاء عقولهم والإكتفاء برأي غيرهم ، وأجزم أن المراد هنا عادات وتقاليد الأباء ماوافق منها الإسلام نقبله ونتمسك به وما خالفه نرده ونرفضه ، لأن ديننا ينفرد بخاصية صلاحه لكل زمان ومكان ومخاطبة جميع الأمم .
والذي لايغيب عنا أنه عندما جاءت رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تتابع الناس لدخول الإسلام ونبذ الجاهلية الأولى وحض الرسول صلى الله عليه وسلم على ماكان في عصور الظلام من مكارم الأخلاق التي توافق الدين ونبذ ما خالفه تلك هى سماحة الإسلام وعظمته حيث يرفض مبدأ إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح ما يفيدكم .